arablog.org

“كوكب الفقراء الشقيق”

وسط كل ما تعاني منه بلادنا من فقر، وجهل وبلطجة، وفساد الا أن هناك دوما بصيص من النور، حتى وإن كان نوره خافت لا يكفي لمحاربة الظلام الممدد بطلاله على مرمى البصر.

بالأمس ذهبت في رحلة لقرية فقيرة تقع في مكان بعيد الي حد ما عن المناطق السكنية، وهي مكان معدم، ومنذ ان وصلت بينا الحافلة، ولاحظت شكل البيوت التي تخلو من أي نوع من أنواع الآدمية، فهي أقرب للعشش أكثر منها لبيوت يقطنها بشر! والمكان كان يبدو كقرية يفصلها لجانبين ترعة، على جانبيها تنتشر الحيوانات التي تعيش جنبا إلى جنب مع البشر. حتى إني سمعت أحدهم ينادي على معزته، ويعاتبها لأنها ابتعدت قليلاً عن البيت، وهو لم يعد قادر على ملاحقاتها كما كان يفعل قديماً!

ولم يكن هذا غريباً على، فمثل تلك الحياة الخالية من الحياة، تحتاج لكي تستطيع أن تكمل على قيد الحياة أن تصادق الحيوانات، وحتى أيضاً الصخور والتراب من حولك، وتناجي مياه الترعة أيضاً لعلها تسمع لك، بعدما صمت آذان المسؤولين عن سماع الأصوات الصادرة من مثل تلك المناطق التي تقع في “كوكب الفقراء المهمشين”!

وترجلنا من الحافلة لنقوم بما أتينا من أجله، الا وهو المساعدة في نقل أشياء أساسية لا غني عن الحياة بدونها، كمثل آسرة، وموقد، وأغطية، تخيلوا رغم كل هذا التطور الذي أخرزناه وسنحرزه، ومازال هناك أناس على هذا الكوكب يعيشوا بدون تلك الأشياء البدائية!

وأثناء قيامنا بذلك، كنت أتأمل سكان هذا الكوكب، والذي بدأ لي أنهم من العصر الحجري، حيث يسيروا بلا أخذية، جميعهم صغاراً وكباراً، وكأن مثل تلك الأشياء محرمة في هذا المكان.
حتى الأطفال مهملين ملابسهم كانت مرسا لكل أنواع القذارة، وايديهم الصغيرة كانت مستقر لكل أنواع الجراثيم، وكانوا يتسمون بالعنف مع بعضهم البعض، وهذا أيضاً ليس غريباً على مكان كهذا.

ولكن ما لمس قلبي في هذا اليوم هو ونحن في أثناء نقل الأشياء، جاءت سيدة عجوز ربما في العقد الثامن من العمر، وقد انحني ظهرها، في إنحنائه مبالغ فيها “كأحدب نوتردام” وكأن سنون العمر قد مرت على ظهرها بلا رحمة حتى حدبته بهذا الشكل! وأتت هيأتها لا تختلف كثيراً عن سكان هذا الكوكب ، فقدماها كانت حافيتان ، وملابسها كانت سوداء ولكن باتت وكأنها بألوان عديدة أخري، وأتت تنظر لأشياء التي كانت معنا ، واه لو طلت أصف في تلك النظرة ، والتي أظنها كانت نظرة عتاب أكثر ماهي طمعاً في متاع زائل ، وقد أكد ذلك ما قالته وكأنها تعاتبنا ، أننا كنا نوزع على سكان هذا الكوكب ، وقد نسينها هي ، وقالت لنا بصوتها الذي كانت تخرجه بالكاد ” أنا بنام على الأرض، أنا معنديش فرشة من زمان” وكأنها تعتبنا أن تركنها بلا سرير وفرشة منذ زمن، وكأننا مسؤولين مسؤولية كاملة عن هذا الحال ، أو كيف لنا أن ننساها !

ولكن الجميل في الأمر أن هناك أيضاً جمعيات لمساعدة أولئك ، حتي وإن كانت ما توفره لا يتعدي الأحتياجات الأساسية لسبل العيش ، والتي تأتي من جمع التبرعات ، ولكن لا بأس فكما يقولون “ما لا يدرك كله..لا يترك كله” .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *