arablog.org

“عام سابق سعيد”

هل جربت أن تعيش عام مثله مثل العام السابق له في كل تفاصيله؟!
هذا هو ما يحدث معي الآن، مع فارق أحسبه جوهري بالنسبة لي؛ ربما زادت قوة ملاحظتي لأشياء من حولي وكذلك لأشخاص أيضاً.

ففي مثل تلك الأيام من العام الماضي كنت بسنة البكالوريوس من دراستي، ولم أوفق فيها، نتيجة لعدة أسباب أهمها على الإطلاق إني قد فقدت شغفي بدراستي، فأصبحت فيها، وفي إحراز تقدم فيها؛ كرجل عجوز قد نال العمر من صحة قدميه، ولم يعد في مقدوره السير لخطوات قليلة، هذا هو حالي على وجه التحديد في تقدمي في دراستي، فعذراً دراستي الصماء فقدماي أصبحت خائرتين، والتقدم فيكي صار عبئاً على كاهلي، أحلم بالتخلص منه!

لم تعد تلك الدراسة التي كنت أظن أنها عملية كما يطلقوا عليها، وأصبح الحال “خدعوك فقالوا.. “، فأنا حتى أستطيع أن أتذكر كم مرة أرسلنا إلى معامل الكلية، فهي تعد على الأصابع برغم أنني قد قضيت خمسة أعوام في تلك الجامعة، ومع ذلك لم نقم بتجربة شيء عملي بإيادينا، والعذر دائماً لأن أعددنا كبيرة، والوقت لا يسمح بأن نقوم بتجربة أي شيء، كما أنه لا يوجد إمكانيات تسمح بذلك. وهنا يحضرني موقف من المواقف التي نستطيع أن نطلق عليها “هم يضحك. وهم يبكي” تلك المرة التي ذهبنا إلى المعمل بصحبة معيد المادة، وكان يملؤنا الأمل فيما سنتعلمه ليس فقط بشكل نظري إنما أيضاً عن تجربة، ولم لا فهي في كلية عملية من الدرجة الأولي.

وحسرتاه فبمجرد أن تقدمنا إلي داخل المعمل قد تكومنا حول معيد المادة وأخذ يشير لنا على الأدوات التي صفوها بجوار بعضها حتى يتثنى لنا التمتع برؤيتها، نعم التمتع برؤيتها ولم لا وقد أخبرنا المعيد بأننا لن نري هذه الأشياء مرة أخري بالخارج هي هنا فقط لأن مثل تلك الأجهزة قد انقرضت، وحلت محلها أجهزة حديثة، كما أوصانا بأن نتوخى الحذر ونحن ننظر إليها حتى لا يصيبها أي مكروه لا قدر الله، فهي بمنزلة الآثار!

وليس هذا ما لاحظته فهو شيء معروف منذ أن وطئت قدمنا أبواب المعامل، ولكن الذي لاحظته، أن كل شيء مكرر بشكل غريب، حتى أساتذة المواد، والقائمين على العملية التعلمية، كما هم، والطريف أيضاً أن ما قاموا بشرحه العام الماضي، هو ما يتم شرحه ذلك العام، وهذا أيضاً ليس مستغرباً لأن هذا أيضاً ما كان يدرس منذ حوالي 40 عام منصرمة، وربما أكثر، ولكن هذا لأن والدي خريج نفس تلك الكلية وهو من أخبرني بذلك حينما أطلع على كتبي الجامعية! وهذا أيضاً ليس غريباً على بلد التعليم هو اخر مفتاح يمكن تجريبه للمرور من هذا الحاضر الباهر للمستقبل المجهول.. إنما الطريف أن حتى النكات التي كان يلقيها علينا أساتذة تلك المواد أثناء المحاضرات هي لم تتغير وأيضا قدرتهم على الضحك على نكاتهم التي ضحكوا عليها العام السابق، وربما الأعوام التي سبقت العام السابق! وكأنهم مبرمجين على ذلك. كل شيء كما كان في العام الماضي لا جديد على الإطلاق.

شيء محزن فعلاً أن عام ماضي مثل عام حاضر مثل عام سيأتي أيضاً، ولم يتغير شيء على الإطلاق في تلك المواد التي تدرس، كما كانوا يقولون لنا في خطبهم المنمقة بأن “علينا أن نواكب التطور.. بتطوير التعليم”، والتي لا تصلح أكثر من أن تكون موضوعاً مثالياً للتعبير عن غير الواقع!
على كل حال، هذه عقدة لن تحلها مجرد تدوينة، من شخص مثلي، في عرف الأوراق الرسمية، شخص فاشل، لم يستطيع حتى أن يمر من مثل ذلك النظام العقيم.

لكن ما أسعدني جداً والذي أعطاني أملاً بالتغير، هو ما لاحظته، وأنا اشتري كراس للعام السابق.. عفواً العام الحالي هو تلك العبارات الفلسفية التي زينوا بها أغلفة تلك الكشاكيل، على عكس كل عام، فهذا الشيء جديد، ربما لتعطي لنا أملاً في التغير لحياة تشبه الحياة يوماً ما. وسرت في طريقي بعدما أبتعت الكراس الذي يحوي غلافه “هنالك دوما مخرج” وسرت أردد في نفسي عام سابق سعيد.


لا أعرف لما شعرت أن المقصود بهذه العبارة ..هو أنا!

وأيضاً تلك النبتة لم تكن موجودة في العام /sites/125/2015/02/11044596_940095229358015_1792544484746232775_n.jpg

وأيضاً تلك النبتة لم تكن موجودة في العام السابق ..ولكني لاحظت وجودها الرائع هذا العام ..ربما لتخبرني بسر ما .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *